Jumat, 24 Februari 2017

وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ ». رواه مسلم

"ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" فيه وجهان: أحدهما يرفعه في الدنيا ويثبت له بتواضعه في القلوب منزلة ويرفعه الله عند الناس ويجل مكانه: والثاني أن المراد ثوابه في الاَخرة ورفعه فيها بتواضعه في الدنيا. قال العلماء: وقد يكون المراد الوجهين معاً في جميعها في الدنيا والاَخرة والله أعلم . شرح مسلم للنووى

يقول ابن القيم : الله سبحانه يحب التواضع ويبغض الضعة والمهانة وفي الصحيح عنه (وأوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد) والتواضع المحمود على نوعين

النوع الأول تواضع العبد عند أمر الله امتثالا وعند نهيه اجتنابا فإن النفس لطلب الراحة تتلكأ في أمره فيبدو منها نوع إباء وشراد هربا من العبودية وتثبت عند نهيه طلبا للظفر بما منع منه فإذا وضع العبد نفسه لأمر الله ونهيه فقد تواضع للعبودية

والنوع الثاني تواضعه لعظمة الرب وجلاله وخضوعه لعزته وكبريائه فكلما شمخت نفسه ذكر عظمة الرب تعالى وتفرده بذلك وغضبه الشديد على من نازعه ذلك فتواضعت إليه نفسه وانكسر لعظمة الله قلبه واطمأن لهيبته وأخبت لسلطانه فهذا غاية التواضع وهو يستلزم الأول من غير عكس والمتواضع حقيقة من رزق الأمرين والله المستعان
قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ دَرَجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ دَرَجَةً حَتَّى يَجْعَلَهُ فِى عِلِّيِّينَ وَمَنْ تَكَبَّرَ عَلَى اللَّهِ دَرَجَةً وَضَعَهُ اللَّهُ دَرَجَةً حَتَّى يَجْعَلَهُ فِى أَسْفَلِ السَّافِلِينَ ». رواه أحمد وحسنه العسقلانى

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ». قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ». رواه مسلم

السؤال:
بارك الله فيكم، هذه رسالة وصلتنا من المستمعة نورا أ. ت. من الرياض، تقول في رسالتها: في الحديث الذي ما معناه «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»، تقول: أريد الشرح لهذا الحديث، وهل الكبر معناه التكبر على الناس؟

الجواب:
معنى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر أنه لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر، وهذا النفي لدخول الجنة على نوعين، فإن كان هذا الكبر مقتضياً لكفره وخروجه عن الإسلام كما يتكبر عن شريعة الله، وردها أو ورد بعضها، فإن هذا النفي نفي للدخول بالكلية، لأن الكافر لا يدخل الجنة أبداً، ومأواه النار، خالداً فيها مخلداً، أما إذا كان الكبر تكبراً على الخلق، وعدم الخضوع على ما يجب عليه نحوهم بدون رد لشريعة الله، ولكن طغيان وإثم، فإن نفي الدخول هنا نفي للدخول الكامل، أي: أنه لا يدخل الجنة دخولاً كاملاً حتى يعاقب على ما أضاع من حقوق الناس، ويحاسب عليه، لأن حقوق الناس لا بد أن تستوفى كاملة، وبهذا يتبين أن الكبر ليس هو احتقار الناس فقط، بل الكبر كما فسره النبي عليه الصلاة والسلام بطر الحق، أي: رده وعدم الاكتراث به، وغمط الناس، أي: احتقارهم وازدراؤهم. الشيخ ابن العثيمين رحمه الله

يقول الله عز وجل { تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }(83)القصص

يقول ابن كثير : يخبر تعالى أن الدار الآخرة ونعيمها المقيم الذي لا يحول ولا يزول، جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين، الذين لا يريدون علوًّا في الأرض أي: ترفعًا على خلق الله وتعاظمًا عليهم وتجبرًا بهم، ولا فسادًا فيهم.

0 komentar:

Posting Komentar